الاسرة المسلمة

Posted 3:38 ص by بنات الأصول in التسميات:

الاسرة المسلمة

عاشوراء والهجرة النبوية من أيام الله تعالى
طارق حميدة
قال تعالى :( ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيام الله إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور ، وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم إذ أنجاكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب ويذبّحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم) سورة إبراهيم : 5 ، 6 .
ربنا سبحانه يكلف موسى عليه السلام ، أن يخرج قومه من الظلمات إلى النور ؛ من ظلمات الذل والاستضعاف ، إلى نور العزة والكرامة والريادة بحمل راية التوحيد وإقامة الدين .
وخلال ذلك ، ولأجل تحقيق ذلك ، يطلب منه أن يذكرهم بأيام الله . والأيام كلها أيام الله لكن هذه الأيام لها خصوصية إذ تجلت فيها قدرة الله تعالى ، فنصر القلة المستضعفة ، وقصم الكثرة المتجبرة ، أو خذلها وردها بغيظها .
إنها أيام ربما سبقها يأس وإحباط واستسلام لظن المستضعفين أنه لا قبل لهم بالفراعنة والطغاة . وسرعان ما يقوم موسى عليه السلام ، خطيباً في قومه يذكرهم بيوم من أيام الله عظيم ، يوم أنجاهم سبحانه من فرعون وجنوده ، وقد كان آل فرعون يسومونهم سوء العذاب ويذبّحون أبناءهم ويستحيون نساءهم .
كي يستنهض هممهم ويقوي عزائمهم للمهمة العظيمة التي ستناط بهم من بعد خروجهم من مصر. ولا يكتفي موسى عليه السلام بهذا التذكير ، بل يجعل من ذلك اليوم العظيم مناسبة سنوية يحتفي بها والمؤمنون معه ليترسخ المعنى ويتعمق في القلوب ، فيصومه عليه السلام ويصومه قومه ، ويستمر الاحتفاء بهذا اليوم وصيامه حتى زمان المصطفى عليه الصلاة والسلام ، فيسألهم عن صومهم يوم عاشوراء فيقولون : " هذا يوم صالح ؛ هذا يوم نجى الله بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى " ، فيقول النبي عليه السلام : " فأنا أحق بموسى منكم " ، فصامه وأمر بصيامه. والحديث في الصحيحين . إن محمداً ، صلى الله عليه وسلم ، قد أمره ربه تعالى ، بما أمر موسى عليه السلام ، كما جاء في السورة نفسها: ( ألر، كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور ..) سورة إبراهيم :1 .
وإذا كان الهدف واحداً ،والبشر هم البشر على اختلاف الزمان والمكان ، فلا بد أن يكون المنهج هو المنهج ، والوسيلة هي الوسيلة ـ التذكير بأيام الله ـ وأهمها عاشوراء . يصومه المصطفى عليه السلام ، ويأمر بصيامه ، بل يتحراه وينتظره ويستعد له كما يفعل لشهر رمضان ، احتفاءً بهذه المناسبة العظيمة واستحضاراً لجليل معانيها .
والصيام خير معين للتفكر والتدبر والاستحضار فيما تعجز عن ذلك البطون المتخمة ، وانظر كيف قرن ربنا سبحانه بين صوم رمضان ونزول القرآن ، تأكيدا للتلازم بين النفوس الزكية والقلوب التقية والعقول المتفتحة لاستقبال النور الإلهي . فالقرآن الكريم مع أنه ( هدى للناس ) مؤمنهم وكافرهم إلا أنه لا يفيد منه إلا المتقون ( ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين ) .
وحين يقرر النبي عليه السلام أن يصوم التاسع مع العاشر ، فليس ذلك مخالفة لأهل الكتاب وتميزاً عنهم فحسب ، بل ـ وأيضاً فيما نرجح ـ لمزيد الاعتناء بهذا اليوم والاستعداد له روحياً وذهنياً . إن النفوس المستبشرة بنصر الله تعالى وفرجه ، الموقنة بقدرته المنتظرة لرحمته ، هي التي يُرجى تحقق الإنجازات على أيديها ، أما النفوس اليائسة المنقبضة الكئيبة ، التي تبحث عن الحزن ومناسباته ، فليست بالتي يتوقع منها نصر ولا تقدم ولا إنجاز . ولقد أمر الله نبيه أن يدعو المؤمنين فيتجاوزوا عن الذين لا يرجون أيام الله : ( قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ) الجاثية : 14 ؛ فهم مساكين لا يزال يقعد بهم اليأس فيخشون التحرك للتغيير ، ويخافون الفراعنة بل وربما عاونوهم ضد من يعملون لإنقاذهم ، وأساءوا إليهم . ولعل ذلك المعنى الكبير ـ التذكير بأيام الله ـ هو الذي حدا بالفاروق رضي الله عنه ، وكرام الصحابة في خلافته ، إلى اختيار حدث الهجرة منطلقاً للتأريخ الإسلامي ، رافضين اتباع الروم أو الفرس ، ومؤثرين الهجرة على سائر المناسبات النبوية الأخرى كالمولد والبعثة والوفاة . فلقد كانت الهجرة مفصلاً هاماً في تاريخ الدعوة الإسلامية ، حيث تحول المسلمون من جماعة مضطهدة مستضعفة ، إلى مجتمع ودولة ذات عزة ومنعة واستقلال . كان الرسول عليه السلام ، حتى الأمس القريب يرى أصحابه يعذبون فلا يملك إلا أن يدعوهم إلى الصبر واعداً إياهم بالجنة ، ثم هو بعد الهجرة يسيّر جيشاً إلى عقر دار الروم في مؤتة رداً على قتل عملاء الروم لأحد رسله . لقد خلّد القرآن الكريم الهجرة النبوية واصفاً إياها بالنصر لرسوله : ( إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا ) ، وهذا شبيه ما جرى لموسى عليه السلام ، إذ كان البحر من أمامهم والفرعون بجنوده من ورائهم ، فأسقط في أيدي قومه وأيقنوا أنهم مدركون ، فرد عليهم موسى بكل ثقة وإيمان : ( كلا إن معي ربي سيهدين ) ، وقد كان .




0 comment(s) to... “الاسرة المسلمة”

0 التعليقات:

إرسال تعليق